أكد رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور بندر حجار عمل مجموعته منذ أن تسلم رئاستها في أكتوبر من العام الماضي على تطوير آليات الشراكة مع المملكة، مشيراً إلى لقائه عددا من الوزراء بهدف تعزيز الشراكة مع دولة المقر وتوظيفها في تبادل الخبرات وتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري، وتمكين القدرات البشرية في إطار برنامج نقل الخبرات بين الدول الأعضاء الذي ينفذه البنك بنجاح كبير، و«تم تشكيل فرق عمل واصلت عملها على مدى الأشهر الماضية لبلورة وثيقة الشراكة بين مجموعة البنك والمملكة».
وقال حجار في ملتقى «عكاظ» أمس -الذي أقيم في مقر الصحيفة بجدة بحضور كتاب وصحفيين واقتصاديين- إن الشراكة مع المملكة ترتكز على ثلاثة مجالات لدعم رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020، موضحاً أن المجال الأول في تقديم المشورة والتمويل عن طريق الشراكة بين القطاع العام والخاص PPP وإنشاء وإدارة صناديق وقفية في قطاعات مختلفة وبناء القدرات وتبادل المعرفة. ولفت إلى أن قيمة عمليات الشراكة تجاوزت 13 مليار دولار أمريكي موزعة بين البنك والمؤسسات التابعة له، وغطت قطاعات عدة، منها: الصناعة والنقل والطاقة وتمويل التجارة وتنمية القطاع الخاص والتأمين على الصادرات والواردات وغيرها.
وأشار إلى تعاون البنك مع المملكة لإنشاء صناديق عدة تخدم المملكة والدول الأعضاء والمشاركة في رأسمال شركات عدة،
وأضاف: «تجاوزت قيمة عمليات المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات 12 مليار دولار، واعتمدت المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص أكثر من 70 عملية بمبلغ 567 دولار أمريكي، وتجاوزت قيمة عمليات المؤسسات الدولية الإسلامية لتمويل التجارة في السعودية 716 مليون دولار، إلى جانب المساهمة في رأسمال شركات سعودية تعمل في قطاع الإسكان والصحة والتأمين والاستثمار».
تحديات على الطريق
وأكد حجار أن المجموعة منذ تأسيسها، لعبت دورا مهما في إحداث تغيرات اقتصادية واجتماعية في الدول الأعضاء وفي المجتمعات المسلمة خارج دول الأعضاء، وعملت على تخفيض معدلات البطالة ومكافحة الفقر والمرض وتحسين مؤشرات التنمية البشرية، ودعم القطاع الخاص وزيادة حجم التجارة البينية، إذ نمت مجموعة البنك -خلال مسيرتها- نمواً ملحوظاً من حيث عدد البلدان الأعضاء ورأس المال ومحفظة عملياتها. وقد حققت المجموعة إنجازات كبرى ساهمت كثيراً في تنمية البلدان الأعضاء، وتعزيز المالية الإسلامية، والتعاون والتضامن بين البلدان الأعضاء، وخضعت لتحوُّل كبير كان الغرض منه أداء رسالتها على نحو أفضل.
وأشار إلى أن المشاورات مع البلدان الأعضاء كشفت أن الصعوبات الحالية التي تواجهها البلدان الأعضاء تختلف باختلاف المناطق. ففي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تبدو بلدان عدة ضعيفة ولا تستطيع سد الاحتياجات البشرية الأساسية لعدد كبير من سكانها (من صحة وتعليم وغذاء)، كما أن أهم عوامل التنمية الاقتصادية فيها (كالبنى التحتية المتعلقة بالنقل والطاقة، والنظام المالي) متخلّفة.
استدامة النمو الاقتصادي
وفي منطقة رابطة الدول المستقلة، يرى حجار أن استدامة النمو الاقتصادي تشكِّل مصدر قلق كبير. وقد أبرزت الأزمة المالية الأخيرة في اقتصادات هذه المنطقة بعضَ مواطن الضعف التي تتطلب معالجتُها لتحقق تنويع الأنشطة الاقتصادية، وتحسين التنافسية الصناعية، وتطوير البنى التحتية، وتعزيز استقرار النظام المالي.
وأضاف: «أما في المنطقة العربية، تتباين الصعوبات الحالية من بلد إلى آخر، فدول النفط والغاز الطبيعي تعمل على تنويع مصادر دخلها والابتعاد عن الاعتماد الشديد على صادرات الطاقة، والبلدان العربية ذات الدخل المتوسط ما زالت تفتقر إلى البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية، وتحتاج إلى دعم القطاع الخاص من أجل تعزيز النمو الاقتصادي. كما أن بلدانا عربية عدة تشهد حالات من النزاع، أو عدم الاستقرار، أو تعافي ما بعد الأزمة. وفي منطقة جنوب شرق آسيا، تعتبر البلدان الأعضاء الحوكمة الرشيدة إحدى أولوياتها الإنمائية؛ وتسعى كلها إلى تعزيز النمو الاقتصادي عن طريق تطوير القطاع الخاص وتعزيز تنافسيته».
ولم يخف حجار أن بعض الدول الأعضاء تواجه تحديات عدم الاستقرار السياسي والأمني والهشاشة، والبعض يعاني من تدفق اللاجئين، ويعتمد البعض الآخر على النفط كمصدر وحيد للدخل، ومعظم الدول الأعضاء تعاني من ارتفاع نسب البطالة والفقر والأمية والمرض، إلى جانب تحديات عملية تتمثل في: صعوبة حشد الموارد بالطرق والأساليب التقليدية، ودخول لاعبين جدد لميدان التنمية والتمويل. وهذه التحديات تشمل جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، من تمويل وصحة وتعليم وزراعة وتنمية ريفية ومياه ومواصلات وطاقة وتنمية حضرية وغيرها من أنواع البنى التحتية، كما أن بلداننا الأعضاء تعاني زيادة مطردة في عدد السكان، وارتفاعاً في نسبة البطالة والفقر والمرض، وشحّاً في المياه، واعتماداً على مصدر وحيد للدخل كثيراً ما يتأثر بتقلبات الأسعار في الأسواق الدولية.
تحديات خاصة
وتناول حجار ما أسماه «تحديات خاصة تواجه البنك»، قائلا: «هناك تحديات مرتبطة بقطاع البنوك الإنمائية المتعددة الأطراف التقليدية، ومنها مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، فستواجه صعوبات -بحسب الخبراء- تقتضي منها إحداث تغيير في طريقة عملها ومن تلك الصعوبات: تزايد منافسة التدفقات المالية الخاصة وغير الحكومية، ومؤسسات التمويل الإنمائي الجديدة والجهات المانحة غير التقليدية في القطاعات التي كانت في السابق منطقة مريحة للبنوك الإنمائية المتعددة الأطراف. ويقترن هذا بعجز البنوك الإنمائية المتعددة الأطراف عن ابتكار أدوات وشراكات جديدة فعالة للإفراج عن رؤوس أموال القطاع الخاص لفائدة المؤسسات الاستثمارية في استثمارات طويلة المدى، وتزايد الضغوط المحلية على البلدان المانحة من أجل توجيه موارد المعونات الخارجية عبر منظمات العون الثنائية التابعة لها وليس عبر البنوك الإنمائية المتعددة الأطراف، وعجز معظم البنوك الإنمائية المتعددة الأطراف عن التواصل الفعال مع القطاعات الخاصة والاجتماعية، نظراً لمحدودية سياساتها وقدرات موظفيها، وضعف جاذبية البنوك الإنمائية المتعددة الأطراف سواء للجهات المستفيدة أو للجهات المانحة، بسبب نموذج حوكمتها المركزي، الذي يؤثر على سرعة وكفاءة نموذج العمل الحالي للبنوك الإنمائية المتعددة الأطراف وقدرته على الاستجابة لاحتياجات عملائها».
وقال: «نظرا لما تشهده البلدان الأعضاء من تفاقم للهشاشة والاضطرابات الاجتماعية، فإن هناك حاجة متزايدة إلى إطار متعدد الأطراف مستقل -مثل مجموعة البنك- قادر على توفير أدوات شاملة للجميع على الصعيد العالمي تمكِّن من المساهمة في معالجة الأسباب العميقة للهشاشة، كما أن المؤسسات المتعددة الأطراف - بحكم تصميمها- أقدر من غيرها على الاضطلاع بدور المحفز في تعبئة الموارد المحلية وحشد البنوك وغيرها من المؤسسات الاستثمارية».
طبيعة العلاقة مع إيران
وعن طبيعة علاقة البنك مع إيران حاليا، قال حجار إن أحد الأسباب الرئيسية لنجاح البنك، على مدى 42 عاما، هو ابتعاد البنك عن السياسة، وهو مؤسسة من أنجح مؤسسات العمل الإسلامي المشترك، إذ إن لديه موظفين من إيران، وبالتالي لديه تعاملات اقتصادية مع إيران، وهناك تعاون اقتصادي، دون الحديث عن السياسة، وهي أحد أسباب نجاح البنك، فـ57 دولة لا تتناول الجانب السياسي.
وبالنسبة لليمن، يهتم البنك بالدولة الشقيقة، إذ ناقش الأوضاع التي يواجهها اليمن، بسبب النقص في المواد الغذائية، والحرب عليها.
وأشار إلى أن المجموعة قدمت 730 مليون دولار إلى اليمن، وعندما بدأت الأزمة قدمت 52 مليون دولار لبرنامج الدعم العاجل، من ضمنها الأغذية وإنشاء مستشفى، والمشاريع، وإنشاء عيادات متنقلة موجودة في تركيا حاليا، بنحو ست عيادات، نحتاج السماح لها بالدخول إلى ليمن.
وأكد التزام البنك بدعم اليمن سواء حاليا أو مستقبلا بعد انتهاء الحرب، أو الأعمار، وقدمنا عددا من المقترحات استعدادا لما بعد الحرب، واقترحنا على رجال الأعمال والقطاع الخاص للمساهمة في هذا الأمر من خلال إدارة الصناديق.
وحول سؤال عن أي مدى يمكن أن تصلح أيدلوجيا البنك في مواجهة متطلبات سياسية جديدة، ومصالح تقوم على منظور مدني في العلاقات الدولية، وما مدى تعارضها مع ذلك، أجاب حجار بـ «أعتقد بوجه عام، أن كل الأيدلوجيات في العالم، لها علاقة بالجانب الاقتصادي، والبنك حين أنشأ هدف إلى تنمية الدول الأعضاء والمجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء، وحين أصبح 57 دولة، ترتكز كل أعمال البنك ليس لها أيدلوجيا سياسية، وهي من أحد أسباب النجاح، خاصة أننا نتحدث عن المجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية».
وأضاف: «البنك ساهم في إنشاء ثماني مدارس في فرنسا لجاليات مسلمة، أحدها حاصلة على المرتبة الأولى 2500 طفل، يدرس فيها طلاب مسلمون، وطالبات غير مسلمات، نظرا لتميزها، وقد اجتمعت مع مسؤولين فرنسيين، وأبدوا ارتياحا شديدا لأداء هذه المدرسة وتنظيماتها على مدى خمس سنوات حافظت على المستوى».
والأهم من ذلك أن البنك الإسلامي لا يتدخل في المناهج، بل قدم منحة لشراء موقع المدرسة وبنائها، وهذا دليل على عدم تدخله في الأيدلوجيات.
التحول من التدخل الإنمائي إلى بنك للجهات الإنمائية
أكد رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور بندر الحجار أنه في ظل الصعوبات، «تتوقّع البلدان الأعضاء من البنك الإسلامي للتنمية أن يتصف بالمبادرة، أي أن يكون قادراً على التكهُّن باحتياجاتها ومشاكلها ووضع حلول إنمائية شاملة تعالج جذور تلك الاحتياجات والمشاكل وليس مظاهرها فقط. وتتوقع منه أيضا أن يساعدها على بناء قدراتها البشرية والمؤسسية التي تتيح لها تنافسية عالمية في المجالات التي يمكن أن تكون لها فيها مزايا نسبية. وقال حجار «كما تتوقع البلدان الأعضاء من البنك أن يتحلى بالسرعة والتكيف، أي أن يكون قادراً على الاستجابة لطلباتها بسرعة، لا سيما الطلبات العاجلة المستعجلة. وتعرب عن رغبتها في أن يتّسم بالمرونة الكافية لحشد موارده المالية والبشرية في الوقت المناسب. ورأى أنّ الوقت قد حان لأن تتحول مجموعة البنك تحولاً استراتيجياً من بنك للتدخل الإنمائي إلى بنك للجهات الإنمائية؛ «بنك يحشد جميع شرائح المجتمع (أي القطاع العامّ، والقطاع الخاصّ، والمجتمع المدنيّ أو القطاع الثالث).
.. ومؤكداً: المملكة تقدم الدعم غير المحدود للبنك
رفع رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور بندر حجار الشكر والتقدير إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- لرعايته الكريمة الاجتماع السنوي الـ42 لمجلس المحافظين الذي تنطلق أعماله في جدة الأحد القادم، تحت شعار «التمكين الاقتصادي للشباب»، كما أجزل الشكر لولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، باعتبار المملكة دولة المقر، إذ تقدم الدعم غير المحدود لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية.
وقال في كلمته بملتقى «عكاظ» أمس (الخميس): إنصافا للحقيقة وأداء للأمانة واعترافا بالفضل لأهله لابد من القول إن المملكة قدمت لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية كل أسباب الدعم المادي والمعنوي منذ أن كان فكرة، إلى أن أصبح مجموعة متكاملة الأركان تعتبر المرجعية الأهم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الأعضاء. وأشار إلى افتتاح الملك سلمان بن عبدالعزيز، إبان إمارته لمنطقة الرياض، أول اجتماع لمجلس محافظي البنك في شهر جمادى الآخرة 1395 (يوليو 1975) في مدينة الرياض، و«منذ ذلك الحين يتلقى البنك الدعم والمساندة للمضي على طريق تحقيق أهدافه النبيلة، إذ أهدت المملكة أرض البنك، وساهمت في تشييد مقره الحالي الذي أصبح من معالم جدة، واستمر الدعم لتتسع نشاطاته حتى أصبح مجموعة متكاملة».
13مليار دولار مشاريع المجموعة في السعودية
أوضح الدكتور حجار أن مشاريع مجموعة البنك الإسلامي للتنمية في المملكة نحو 13 مليار دولار، فيما ساهم البنك مع البنك السعودي للاستثمار في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بـ12 مليار دولار، إضافة إلى 70 عملية للقطاع الخاص في الإسكان والصحة والاستثمار والتعليم.
ولفت إلى أن البنك ساهم في الأعمال الخيرية والإسلامية بواقع 2.6 مليار في صندوق «فاعل خير» لتقديم الدعم في إندونيسيا وبنغلاديش، وحفر آبار في الصومال، وغيرها، كما ساهم مع مؤسسة الملك سلمان للإغاثة الدولية في إنشاء صندوق العجز والمعيشة، بنحو 2.5 مليار دولار، وهو موجه للمساعدة في مجالات الصحة والزراعة والرعي في الدول الفقيرة التي لا تستطيع الحصول على قروض، وساهم مع جامعة الملك عبدالعزيز وعبداللطيف جميل بمشاريع كثيرة.
وقال حجار في ملتقى «عكاظ» أمس -الذي أقيم في مقر الصحيفة بجدة بحضور كتاب وصحفيين واقتصاديين- إن الشراكة مع المملكة ترتكز على ثلاثة مجالات لدعم رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020، موضحاً أن المجال الأول في تقديم المشورة والتمويل عن طريق الشراكة بين القطاع العام والخاص PPP وإنشاء وإدارة صناديق وقفية في قطاعات مختلفة وبناء القدرات وتبادل المعرفة. ولفت إلى أن قيمة عمليات الشراكة تجاوزت 13 مليار دولار أمريكي موزعة بين البنك والمؤسسات التابعة له، وغطت قطاعات عدة، منها: الصناعة والنقل والطاقة وتمويل التجارة وتنمية القطاع الخاص والتأمين على الصادرات والواردات وغيرها.
وأشار إلى تعاون البنك مع المملكة لإنشاء صناديق عدة تخدم المملكة والدول الأعضاء والمشاركة في رأسمال شركات عدة،
وأضاف: «تجاوزت قيمة عمليات المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات 12 مليار دولار، واعتمدت المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص أكثر من 70 عملية بمبلغ 567 دولار أمريكي، وتجاوزت قيمة عمليات المؤسسات الدولية الإسلامية لتمويل التجارة في السعودية 716 مليون دولار، إلى جانب المساهمة في رأسمال شركات سعودية تعمل في قطاع الإسكان والصحة والتأمين والاستثمار».
تحديات على الطريق
وأكد حجار أن المجموعة منذ تأسيسها، لعبت دورا مهما في إحداث تغيرات اقتصادية واجتماعية في الدول الأعضاء وفي المجتمعات المسلمة خارج دول الأعضاء، وعملت على تخفيض معدلات البطالة ومكافحة الفقر والمرض وتحسين مؤشرات التنمية البشرية، ودعم القطاع الخاص وزيادة حجم التجارة البينية، إذ نمت مجموعة البنك -خلال مسيرتها- نمواً ملحوظاً من حيث عدد البلدان الأعضاء ورأس المال ومحفظة عملياتها. وقد حققت المجموعة إنجازات كبرى ساهمت كثيراً في تنمية البلدان الأعضاء، وتعزيز المالية الإسلامية، والتعاون والتضامن بين البلدان الأعضاء، وخضعت لتحوُّل كبير كان الغرض منه أداء رسالتها على نحو أفضل.
وأشار إلى أن المشاورات مع البلدان الأعضاء كشفت أن الصعوبات الحالية التي تواجهها البلدان الأعضاء تختلف باختلاف المناطق. ففي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تبدو بلدان عدة ضعيفة ولا تستطيع سد الاحتياجات البشرية الأساسية لعدد كبير من سكانها (من صحة وتعليم وغذاء)، كما أن أهم عوامل التنمية الاقتصادية فيها (كالبنى التحتية المتعلقة بالنقل والطاقة، والنظام المالي) متخلّفة.
استدامة النمو الاقتصادي
وفي منطقة رابطة الدول المستقلة، يرى حجار أن استدامة النمو الاقتصادي تشكِّل مصدر قلق كبير. وقد أبرزت الأزمة المالية الأخيرة في اقتصادات هذه المنطقة بعضَ مواطن الضعف التي تتطلب معالجتُها لتحقق تنويع الأنشطة الاقتصادية، وتحسين التنافسية الصناعية، وتطوير البنى التحتية، وتعزيز استقرار النظام المالي.
وأضاف: «أما في المنطقة العربية، تتباين الصعوبات الحالية من بلد إلى آخر، فدول النفط والغاز الطبيعي تعمل على تنويع مصادر دخلها والابتعاد عن الاعتماد الشديد على صادرات الطاقة، والبلدان العربية ذات الدخل المتوسط ما زالت تفتقر إلى البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية، وتحتاج إلى دعم القطاع الخاص من أجل تعزيز النمو الاقتصادي. كما أن بلدانا عربية عدة تشهد حالات من النزاع، أو عدم الاستقرار، أو تعافي ما بعد الأزمة. وفي منطقة جنوب شرق آسيا، تعتبر البلدان الأعضاء الحوكمة الرشيدة إحدى أولوياتها الإنمائية؛ وتسعى كلها إلى تعزيز النمو الاقتصادي عن طريق تطوير القطاع الخاص وتعزيز تنافسيته».
ولم يخف حجار أن بعض الدول الأعضاء تواجه تحديات عدم الاستقرار السياسي والأمني والهشاشة، والبعض يعاني من تدفق اللاجئين، ويعتمد البعض الآخر على النفط كمصدر وحيد للدخل، ومعظم الدول الأعضاء تعاني من ارتفاع نسب البطالة والفقر والأمية والمرض، إلى جانب تحديات عملية تتمثل في: صعوبة حشد الموارد بالطرق والأساليب التقليدية، ودخول لاعبين جدد لميدان التنمية والتمويل. وهذه التحديات تشمل جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، من تمويل وصحة وتعليم وزراعة وتنمية ريفية ومياه ومواصلات وطاقة وتنمية حضرية وغيرها من أنواع البنى التحتية، كما أن بلداننا الأعضاء تعاني زيادة مطردة في عدد السكان، وارتفاعاً في نسبة البطالة والفقر والمرض، وشحّاً في المياه، واعتماداً على مصدر وحيد للدخل كثيراً ما يتأثر بتقلبات الأسعار في الأسواق الدولية.
تحديات خاصة
وتناول حجار ما أسماه «تحديات خاصة تواجه البنك»، قائلا: «هناك تحديات مرتبطة بقطاع البنوك الإنمائية المتعددة الأطراف التقليدية، ومنها مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، فستواجه صعوبات -بحسب الخبراء- تقتضي منها إحداث تغيير في طريقة عملها ومن تلك الصعوبات: تزايد منافسة التدفقات المالية الخاصة وغير الحكومية، ومؤسسات التمويل الإنمائي الجديدة والجهات المانحة غير التقليدية في القطاعات التي كانت في السابق منطقة مريحة للبنوك الإنمائية المتعددة الأطراف. ويقترن هذا بعجز البنوك الإنمائية المتعددة الأطراف عن ابتكار أدوات وشراكات جديدة فعالة للإفراج عن رؤوس أموال القطاع الخاص لفائدة المؤسسات الاستثمارية في استثمارات طويلة المدى، وتزايد الضغوط المحلية على البلدان المانحة من أجل توجيه موارد المعونات الخارجية عبر منظمات العون الثنائية التابعة لها وليس عبر البنوك الإنمائية المتعددة الأطراف، وعجز معظم البنوك الإنمائية المتعددة الأطراف عن التواصل الفعال مع القطاعات الخاصة والاجتماعية، نظراً لمحدودية سياساتها وقدرات موظفيها، وضعف جاذبية البنوك الإنمائية المتعددة الأطراف سواء للجهات المستفيدة أو للجهات المانحة، بسبب نموذج حوكمتها المركزي، الذي يؤثر على سرعة وكفاءة نموذج العمل الحالي للبنوك الإنمائية المتعددة الأطراف وقدرته على الاستجابة لاحتياجات عملائها».
وقال: «نظرا لما تشهده البلدان الأعضاء من تفاقم للهشاشة والاضطرابات الاجتماعية، فإن هناك حاجة متزايدة إلى إطار متعدد الأطراف مستقل -مثل مجموعة البنك- قادر على توفير أدوات شاملة للجميع على الصعيد العالمي تمكِّن من المساهمة في معالجة الأسباب العميقة للهشاشة، كما أن المؤسسات المتعددة الأطراف - بحكم تصميمها- أقدر من غيرها على الاضطلاع بدور المحفز في تعبئة الموارد المحلية وحشد البنوك وغيرها من المؤسسات الاستثمارية».
طبيعة العلاقة مع إيران
وعن طبيعة علاقة البنك مع إيران حاليا، قال حجار إن أحد الأسباب الرئيسية لنجاح البنك، على مدى 42 عاما، هو ابتعاد البنك عن السياسة، وهو مؤسسة من أنجح مؤسسات العمل الإسلامي المشترك، إذ إن لديه موظفين من إيران، وبالتالي لديه تعاملات اقتصادية مع إيران، وهناك تعاون اقتصادي، دون الحديث عن السياسة، وهي أحد أسباب نجاح البنك، فـ57 دولة لا تتناول الجانب السياسي.
وبالنسبة لليمن، يهتم البنك بالدولة الشقيقة، إذ ناقش الأوضاع التي يواجهها اليمن، بسبب النقص في المواد الغذائية، والحرب عليها.
وأشار إلى أن المجموعة قدمت 730 مليون دولار إلى اليمن، وعندما بدأت الأزمة قدمت 52 مليون دولار لبرنامج الدعم العاجل، من ضمنها الأغذية وإنشاء مستشفى، والمشاريع، وإنشاء عيادات متنقلة موجودة في تركيا حاليا، بنحو ست عيادات، نحتاج السماح لها بالدخول إلى ليمن.
وأكد التزام البنك بدعم اليمن سواء حاليا أو مستقبلا بعد انتهاء الحرب، أو الأعمار، وقدمنا عددا من المقترحات استعدادا لما بعد الحرب، واقترحنا على رجال الأعمال والقطاع الخاص للمساهمة في هذا الأمر من خلال إدارة الصناديق.
وحول سؤال عن أي مدى يمكن أن تصلح أيدلوجيا البنك في مواجهة متطلبات سياسية جديدة، ومصالح تقوم على منظور مدني في العلاقات الدولية، وما مدى تعارضها مع ذلك، أجاب حجار بـ «أعتقد بوجه عام، أن كل الأيدلوجيات في العالم، لها علاقة بالجانب الاقتصادي، والبنك حين أنشأ هدف إلى تنمية الدول الأعضاء والمجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء، وحين أصبح 57 دولة، ترتكز كل أعمال البنك ليس لها أيدلوجيا سياسية، وهي من أحد أسباب النجاح، خاصة أننا نتحدث عن المجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية».
وأضاف: «البنك ساهم في إنشاء ثماني مدارس في فرنسا لجاليات مسلمة، أحدها حاصلة على المرتبة الأولى 2500 طفل، يدرس فيها طلاب مسلمون، وطالبات غير مسلمات، نظرا لتميزها، وقد اجتمعت مع مسؤولين فرنسيين، وأبدوا ارتياحا شديدا لأداء هذه المدرسة وتنظيماتها على مدى خمس سنوات حافظت على المستوى».
والأهم من ذلك أن البنك الإسلامي لا يتدخل في المناهج، بل قدم منحة لشراء موقع المدرسة وبنائها، وهذا دليل على عدم تدخله في الأيدلوجيات.
التحول من التدخل الإنمائي إلى بنك للجهات الإنمائية
أكد رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور بندر الحجار أنه في ظل الصعوبات، «تتوقّع البلدان الأعضاء من البنك الإسلامي للتنمية أن يتصف بالمبادرة، أي أن يكون قادراً على التكهُّن باحتياجاتها ومشاكلها ووضع حلول إنمائية شاملة تعالج جذور تلك الاحتياجات والمشاكل وليس مظاهرها فقط. وتتوقع منه أيضا أن يساعدها على بناء قدراتها البشرية والمؤسسية التي تتيح لها تنافسية عالمية في المجالات التي يمكن أن تكون لها فيها مزايا نسبية. وقال حجار «كما تتوقع البلدان الأعضاء من البنك أن يتحلى بالسرعة والتكيف، أي أن يكون قادراً على الاستجابة لطلباتها بسرعة، لا سيما الطلبات العاجلة المستعجلة. وتعرب عن رغبتها في أن يتّسم بالمرونة الكافية لحشد موارده المالية والبشرية في الوقت المناسب. ورأى أنّ الوقت قد حان لأن تتحول مجموعة البنك تحولاً استراتيجياً من بنك للتدخل الإنمائي إلى بنك للجهات الإنمائية؛ «بنك يحشد جميع شرائح المجتمع (أي القطاع العامّ، والقطاع الخاصّ، والمجتمع المدنيّ أو القطاع الثالث).
.. ومؤكداً: المملكة تقدم الدعم غير المحدود للبنك
رفع رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور بندر حجار الشكر والتقدير إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- لرعايته الكريمة الاجتماع السنوي الـ42 لمجلس المحافظين الذي تنطلق أعماله في جدة الأحد القادم، تحت شعار «التمكين الاقتصادي للشباب»، كما أجزل الشكر لولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، باعتبار المملكة دولة المقر، إذ تقدم الدعم غير المحدود لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية.
وقال في كلمته بملتقى «عكاظ» أمس (الخميس): إنصافا للحقيقة وأداء للأمانة واعترافا بالفضل لأهله لابد من القول إن المملكة قدمت لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية كل أسباب الدعم المادي والمعنوي منذ أن كان فكرة، إلى أن أصبح مجموعة متكاملة الأركان تعتبر المرجعية الأهم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الأعضاء. وأشار إلى افتتاح الملك سلمان بن عبدالعزيز، إبان إمارته لمنطقة الرياض، أول اجتماع لمجلس محافظي البنك في شهر جمادى الآخرة 1395 (يوليو 1975) في مدينة الرياض، و«منذ ذلك الحين يتلقى البنك الدعم والمساندة للمضي على طريق تحقيق أهدافه النبيلة، إذ أهدت المملكة أرض البنك، وساهمت في تشييد مقره الحالي الذي أصبح من معالم جدة، واستمر الدعم لتتسع نشاطاته حتى أصبح مجموعة متكاملة».
13مليار دولار مشاريع المجموعة في السعودية
أوضح الدكتور حجار أن مشاريع مجموعة البنك الإسلامي للتنمية في المملكة نحو 13 مليار دولار، فيما ساهم البنك مع البنك السعودي للاستثمار في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بـ12 مليار دولار، إضافة إلى 70 عملية للقطاع الخاص في الإسكان والصحة والاستثمار والتعليم.
ولفت إلى أن البنك ساهم في الأعمال الخيرية والإسلامية بواقع 2.6 مليار في صندوق «فاعل خير» لتقديم الدعم في إندونيسيا وبنغلاديش، وحفر آبار في الصومال، وغيرها، كما ساهم مع مؤسسة الملك سلمان للإغاثة الدولية في إنشاء صندوق العجز والمعيشة، بنحو 2.5 مليار دولار، وهو موجه للمساعدة في مجالات الصحة والزراعة والرعي في الدول الفقيرة التي لا تستطيع الحصول على قروض، وساهم مع جامعة الملك عبدالعزيز وعبداللطيف جميل بمشاريع كثيرة.